لازالت قضية "قبلة الفايسبوك" تثير الكثير من ردود الفعل، وإن كان أغلبها قد اتجه صوب رفض وضع القاصرين الثلاث رهن المراقبة القضائية بماكز حماية الطفولة التابعة لمندوبية وزارة الشباب والرياضة بالنّاظور، خاصة وأن الجدل ابتعد عن اعتبار القضية "طيش قاصرين" للوقوف على وجود خلل بالمنظومة التربوية التي تُحمّل المسؤولية إلى جوار فاعلين أساسيّين هم الدولة والأسرة و المجتمع.
القضية التي أسالت الكثير من المداد و أخذت ابعادا دولية أزيح عنها الستار بداية الأسبوع المنصرم عندما ظهرت صورة لقاصرين، على موقع التواصل الاجتماعي الفايسبوك، و هما يقبلان بعضهما، حيث انتشرت كالنار في الهشيم مقرونة بتعليقات مؤيدين و مستنكرين من الفضوليّين، قبل أن تتلقفها مواقع رقمية و تقوم بنشرها باعتبارها "مادة دسمة" تثير القارئ.
و تفاعلا مع "الحدث" قامت المنظمة المتحدة لحقوق الانسان و الحريات العامة بالمغرب، وهي التي يرأسها فيصل المرسي، المعروف بخرجاته المضادة لحركة 20 فبراير، بتوجيه طلب فتح تحقيق للنيابة العامة بابتدائية الناظور، ما لقي تفاعلا إيجابيا بتوجيه أوامر للشرطة القضائية باستدعاء القاصرين الثلاث، المعنيان بصورة القُبلة ومصوّرها، مع الإستماع لهم في محضر رسمي وإحالتهم على أنظارها لتقرر في شأنهم، مع وضعهم رهن تدابير المراقبة القضائية.
هذا "التحرك الجمعوي< اعتبره النشطاء الحقوقيون غريبا عن الفعل الحقوقي، في حين اعتبره فيصل المرسي، في تصريح لهسبريس، بـ "العمل الحقوقي الصائب والقويم، الهادف لمحارية الاختلالات الأخلاقية المتفشية في المجتمع بسبب غياب دور المؤسسات التعليمية و الأسرة والمجتمع"، داعيا إلى "ضرورة مراقبة الأبناء و حمايتهم داخل المدارس و خارجها".
وأضاف المرسي: "لم نندم على توجيه الشكاية، لأن هدفنا هو توضيح الأمور وتحديد المسؤوليات، وفضح الواقفين وراء تعميم الصورة، لكننا ضد اعتقال القاصرين الثلاث، ومع ذلك فإنّ قرار النيابة العامة يحترم و لا يمكننا التدخل فيه"، كما زاد: "نتخوف من وجود جهات خارجية تريد الإساءة للمغرب بدفع القاصرين لتعميم تلك الصور لخلق البلبلة، وعلى النيابة العامة وقاضي التحقيق كشف الحقيقة".
وفي جديد قضية ما بات يعرف بـ"قبلة الفايسبوك " قامت الشرطة القضائية، بأمر من قاضي التحقيق، بنقل الفتاة القاصر، التي ظهرت في الصورة، إلى مركز حماية الطفولة بمدينة فاس حيث ستوضع رهن المراقبة القضائية لحين عرضها على المحاكمة يوم الجمعة 11 أكتوبر القادم بتهمة "الإخلال بالحياء العام"، وذلك لعدم وجود جناح للإناث بمركز حماية الطفولة لمدينة الناظور.
والدة نفس الفتاة القاصر و في تصريح لهسبريس، قالت "بنتي أخطأت، لكن نقلها نحو فاس سيحرمها من متابعة دراستها وسيكلفنا كثيرا من الناحية المادية أمام الوضع الاجتماعي الفقير الذي نعيش به، فهذا قدرنا أن نتحمل أخطاء الصغار"، كما أضافت متحسرة و الدموع تغالبها: "لقد قال لي قاضي التحقيق إنه سيتم نقل ابنتي للناظور يوم الخميس، على أساس محاكمتها بسراح مطلق، وأخاف ألاّ يتحقق ذلك، فأنا أريد ابنتي بجانبي لأنها صغيرة جدا و لا تتحمل ما يجري لها".
من جهة أخرى قرر ذات قاضي التحقيق الممسك بالملف وضع القاصرين الآخرّين بمركز حماية الطفولة للناظور، وقد علمت هسبريس أن ذات المسؤول القضائي قد اليافعَين صباح الجمعة بذات المرفق ، واطّلع على وضعية إقامتهما، وشدد على ضرورة السماح لهما بالذهاب لمؤسستهما التعليمية الى حين عرضهما على المحاكمة يوم الجمعة المقبل، كما سمح لهما بقضاء ثمانية أيام مع ذويهما بمناسبة عيد الأضحى.
وعن الواقعة يقول الشقيق الأكبر للقاصر الذي ظهر في الصورة: "لم نكن نتمنّى أن تسير الأمور في هذا المنحى، لقد تم تضخيم القضية من طرف الإعلام، والضحية هم القاصرون.. نتمنى أن يتم إطلاق سراحهم جميعا و أن يتم العمل على علاج المشكل من أساسه"، وأضاف: " لقد تم التعامل مع شقيقي بشكل جيّد من طرف الشرطة و النيابة العامة و قاضي التحقيق، لقد قمت بزيارته وهو بحالة جيدة".
كثيرون هم من لم يرقهم قرار النيابة العامة بوضع القاصرين رهن تدابير المراقبة القضائية وسلبهم حرياتهم، حيث احتل الموضوع صدارة التعليقات على مواقع التواصل الإجتماعي الفايسبوك، من بينهم عبد الوهاب رفيقي، الناشط السلفي الملقب بـ "أبو حفص"، الذي كتب على الفايسبوك: "متابعة مراهقين طائشين قضائيا عبث مقرف، وحملات الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الفايسبوكية مقابل غض النظر عن الجرائم التي تستحق المتابعة و الاستنكار نفاق أو جبن.. ليس من الدين استنكار اللمم وغض الطرف عن الكبائر".. فيما المجلس الوطني لحقوق الإنسان، عبر لجنته الجهويّة بالمنطقة، دخل على الخطّ ضمن القضيّة الغريبة.. إذ تحرّك منتمون لـ "جهويّة الـCNDH" من أجل جمع كافة المعطيات حول القضية في أفق إعداد تقرير حول الواقعة.